هل يمكن للذكاء الاصطناعي التفكير مثل البشر؟
حجم خط المقالة
العالم قبل الذكاء الاصطناعي ليس هو ذات العالم بعده، فالتغير يطال كل شيء حولنا، ويصل إلى كل القطاعات ليغيرها بشكل نهائي، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في تحسين كل منتج أو خدمة أو بنية تحتية موجودة في كل دولة من الدول، وفي الحقيقة فإن الذكاء الاصطناعي قادر على تحويل مستقبل البشرية للأفضل إذا ما أُحسن استخدامه. ويرى سوندار بيتشاي رئيس شركة غوغل (Google) في مقابلة أجرتها معه شبكة "بي بي سي" (BBC) قبل أيام ونشرت الجزيرة نت أهم ما جاء فيها، أن "اختراع الذكاء الاصطناعي سيكون أثره على البشرية أكبر من الاختراعات الأخرى، مثل النار والكهرباء أو الإنترنت".وقال بيتشاي في المقابلة "إنني أعتبرها أكثر التقنيات التي ستطورها البشرية عمقا.. إذا كنت تفكر في النار أو الكهرباء أو الإنترنت فالأمر كذلك، لكنني أعتقد أن الأمر أكثر عمقا". والذكاء الاصطناعي هو محاولة لتعليم الآلات محاكاة القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، من أجل تسهيل حياة البشر وجعل الآلات تؤدي مهام كثيرة كانت تأخذ جهدا ووقتا كبيرا من الإنسان. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما مدى "الذكاء" الموجود حقا في الذكاء الاصطناعي، وبماذا يختلف عن الذكاء البشري، وهل يمكن تعليم الذكاء الاصطناعي القدرة على التحليل والتفكير بالقياس كما يفعل البشر؟
هل يمكن للذكاء الاصطناعي التفكير بالقياس؟
في وقت لاحق من حياتها المهنية، أصبحت ستيفنسون مفتونة بفكرة تطبيق النماذج الرياضية لقياس العمليات الإبداعية، وربما يعود هذا إلى شهادة البكالوريوس التي تحملها في علوم الحاسوب. تقول الباحثة: "أركز في أبحاثي الآن على الذكاء الاصطناعي المعرفي وقدرته على تقليد الذكاء البشري.. أحاول معرفة واكتشاف مدى قدرة الخوارزميات على التفكير بالقياس وحل المشاكل بناء على حوادث مشابهة، بعبارة أخرى مدى قدرتها على الربط بين أن العطش هو للشرب والضمادات للنزيف.. نحاول أنا وزملائي معرفة مقدار الذكاء الموجود حقا في الذكاء الاصطناعي".
وتوضح الباحثة: لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال نحتاج أولا إلى تقسيم الذكاء إلى نوعين:
النوع الأول:
هو المعرفة المكتسبة، مثل القدرة على إجراء العمليات الحسابية، أو ما يمكن أن نطلق عليه اسم "الذكاء المتبلور" (crystallized intelligence).
النوع الثاني:
هو مهارات التفكير المنطقي والقدرة على حل المشكلات، وهو ما نطلق عليه اسم "الذكاء السائل" (fluid intelligence).
تقول ستيفنسون "إن برامج وخوارزميات الذكاء الاصطناعي تتمتع بسعة تخزين هائلة، أكبر بكثير من ذاكرة الإنسان، ويمكنها استرداد المعلومات ومعالجتها بسرعة البرق، وهو الشيء الذي لا يقدر عليه البشر. وهذا هو النوع الأول من الذكاء، وهو في الحقيقة بسيط للغاية مقارنة بالنوع الثاني من الذكاء، وهو القدرة على التحليل والتفكير بالقياس".
التفكير التناظري
بدأت كلير ستيفنسون مسيرتها الأكاديمية في مجال علم النفس التنموي، حيث بحثت في قدرات التعلم الكامنة لدى الأطفال: "ليس ما يعرفونه بالفعل، ولكن ما هم قادرون على معرفته وفعله". حيث درست تطور التفكير القياسي والتحليل المنطقي الذي يربط الأسباب بالنتائج لدى الأطفال، من خلال دراسة قدرتهم على إيجاد حلول للمشاكل الجديدة قياسا على خبرات سابقة مشابهة.
مسائل بونغارد
تعتبر "مسائل بونغارد" (Bongard problems) مثالا معروفا على القيود التي تحد من قدرات الذكاء الاصطناعي.
كان ميخائيل بونغارد عالم حاسوب روسيا صمم في أواخر الستينيات من القرن الماضي مسائل تتطلب من الناس اكتشاف الأنماط المتكررة فيها، وتتكون كل مسألة من مجموعتين من الأشكال، ولكل مجموعة سمة مشتركة. والتحدي هو اكتشاف هذه السمة المشتركة، وبهذه الطريقة يمكن تحديد الفرق بين المجموعتين.
وتقول ستيفنسون: "يحاول العلماء تطوير ذكاء اصطناعي يمكنه تعلم حل هذه المشكلات، ولكن يبدو أن قدرته المحدودة على التفكير والتحليل تمثل مشكلة.. والبشر يكسبون هذه المعركة بالذات في الوقت الحالي".
ماذا يحدث عندما يتعلم الذكاء الاصطناعي التفكير القياسي؟
يهدف بحث ستيفنسون وزملائها إلى إنشاء رابط بين إمكانات تعلم الذكاء الاصطناعي وإمكانات تعلم الأطفال، وتأمل بعد ذلك في تطبيق هذه المعرفة لمزيد من التطوير لكل من الذكاء الاصطناعي وبيئات تعلم الأطفال.
التالي
هذه أحدث تدوينة
هذه أحدث تدوينة
إرسال تعليق